فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: دراما المقاومة؛ ميدان جديد في صناعة الدراما، مسجل حصريًا إلى الآن للفلسطينيين، والهدف منه دفع القضية الفلسطينية إلى واجهة الأعمال الدرامية على الشاشة في ظل تجاهل عربي كبير لفلسطين في الآونة الأخيرة.
بدأت رحلة دراما المقاومة من خلال مجموعة من الأفلام المتواضعة عن حياة الفلسطينيين مع التركيز على مقاومتهم ومقاوميهم وجرائم الاحتلال، ليشهد عام 2014 أول مسلسل بهذا الطابع وهو مسلسل الروح الذي سلط الضوء على تفاصيل الحياة الفلسطينية والمقاومة وجرائم الاحتلال.
لنجد اليوم قائمة طويلة بأعمال المقاومة ومنها مسلسل الفدائي بجزئيه الأول والثاني والذي تم إنتاجه عامي 2016 و2017 والذي تدور أحداثه في الخليل ويتناول حياة الأسرى، ومسلسل بوابة السماء بجزئين عام 2017 و2018، ويسلط الضوء على مدينة القدس، ومسلسل حبر النار عام 2020، ومسلسل حساب مفتوح 2021 والذي يسلط الضوء على حرب العقول بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، وصولًا لمسلسلي قبضة الأحرار 2022، وشارة النصر جلبوع 2022 الذي يسلط الضوء على عملية هروب المقاومين الستة، وغيرها من الأعمال.
رسالة فلسطين للعالم
المخرج محمد خليفة يقول لـ"شبكة قدس"، إن "الإقبال الكبير من الجمهور شجعنا على الاستمرار، كما أن المجتمع الفلسطيني متعطش للحديث عنه وعن ومقاومته، خاصة في ظل تجاهل الدراما العربية للحالة الفلسطينية، ووجود تزييف من قبل الدراما العالمية للقضية".
خليفة وهو مخرج مسلسل الفدائي بجزئيه ومن ثم مسلسل حساب مفتوح، ومسلسل حبر النار، ومسلسل قبضة الأحرار إلى جانب عدد من الأفلام، يضيف: "المجتمع متعطش لمثل هذا النوع من الدراما ويريد أن تصل رسالته للعالم، لأن هذه الأعمال تحتوي تفاصيل حياته".
وحول الإمكانات؛ يؤكد المخرج خليفة أنها منذ مسلسل الفدائي لم تتغير فالكاميرات والمعدات ذاتها، وذلك بسبب الحصار المفروض على غزة حيث يمنع الاحتلال إدخال أي معدات أو أجهزة تسهم في تطوير عمل الدراما لذا باتت المعدات متهالكة ولكن ذلك لم يثني صناع الدراما.
أما بشأن الممثلين؛ يقول خليفة: "عددهم بغزة محدود، ونقوم سنويًا بعقد مسابقات لاكتشاف خبرات جديدة، نعطيها أدوارا بسيطة لصقل مهاراتها لتكون جاهزة في المستقبل لأدوار أكبر، وخلال التصوير يقع على المخرج تعديل أداء الشخصيات حتى يتناسب الأداء مع الرتم العام للمسلسل، وهذا حمل مضاعف على المخرج، مع وجود نجوم بغزة قادرين على تقمص الشخصية والدور بشكل متقن يريح المخرج".
ويوضح خليفة أن الضفة الغربية حاضرة في كل الأعمال تقريبًا "فمثلًا مسلسل الفدائي تحدث عن مدينة الخليل وعربدة المستوطنين في البلدة القديمة، أما مسلسل بوابة السماء فتحدث عن مدينة القدس، وقبضة الأحرار هناك خط كامل يتحدث عن الضفة والداخل، بالتالي كجغرافيا كانوا حاضرين، ولكن كشخصيات وممثلين غير حاضرين بسبب الحصار والإغلاق وممارسات الاحتلال، ويتواصل معنا الكثير من الفنانين في الضفة وهم تواقون للمشاركة في مثل هذه الأعمال".
انتشار واسع وتنسيق
وحول الانتشار؛ يقول خليفة إن مسلسل قبضة الأحرار الذي أنتج هذا العام يبث على نحو 10 قنوات عربية 3 منها فلسطينية، وهذا إنجاز غير مسبوق لدراما المقاومة الفلسطينية، ونحن نحاول الوصول إلى أكبر جمهور، مثلًا تمت ترجمة مسلسلي الفدائي وبوابة السماء للغة التركية وبثوا على قنوات التركية، واليوم بمسلسل قبضة الأحرار تم إدراج ترجمة على الحلقات".
ويشير لوجود تعاون بين جميع العاملين في دراما المقاومة، فالأمر ليس تنافسيا، فمثلًا قبضة الأحرار يعرض على قنوات الأقصى وفلسطين اليوم وراجعين، ومسلسل شارة النصر جلبوع يبث على قناة القدس اليوم ومن المقرر بثه على قناة الأقصى لاحقًا.
وبين المخرج خليفة أن مخرج مسلسل شارة النصر جلبوع حسام أبو دان شارك في إخراج 350 مشهدًا من مسلسل قبضة الأحرار من أصل 1550 مشهدا في المسلسل، وهذا دليل على أن العمل تكاملي وقائم على التعاون والهدف الرئيسي جودة العمل وإيصال رسالة الشعب الفلسطيني.
وأكد أنه مع وجود حاضنة رسمية أو مؤسسات تدعم دراما المقاومة سيكون الإنتاج أكثر غزارة وأفضل، مع حاجة فلسطين الماسة لمعهد للسينما والدراما.
الرواية من أصحابها
المخرج حسام أبو دان اتفق مع سابقه لحاجة فلسطين إلى معاهد سينما ودراما، ولكن استثمر المخرجون نقاط القوة الموجودة بغزة لإنتاج أعمال ترتقي في الجودة مع كل محاولة وعمل جديد.
أبو دان أخرج العديد من الأعمال منها مسلسل عنقود الذي يتناول حرب 2014 على قطاع غزة والذي أنتج عام 2020، ومسلسل ميلاد الفجر 2021، وعنقود وشارة النصر جلبوع 2021، وأخيرا مشاركته في قبضة الأحرار.
ويقول أبو دان: "نشعر بإقبال كبير من العالم العربي على مسلسلاتنا، فمسلسل شارة النصر–جلبوع، يبث على نحو 10 قنوات عربية، ونحرص على استطلاع آراء الجميع على مسلسلاتنا، والتي بمجملها إيجابية، كما أن كثيرًا من العرب والأجانب يرون في مسلسلاتنا طريقا لفهم القضية الفلسطينية".
يضيف المخرج أبو دان: "مثلا قصة هروب الأسرى الستة من سجن جلبوع، والتي يحكيها مسلسل شارة نصر-جلبوع، الناس سمعت عن الهروب، ولكن تريد التفاصيل، وكنا على تواصل مع الأسرى والمقاومة لأخذ رواية دقيقة وهناك أمانة بنقل الأحداث، وحرصنا على إظهار جرم الاحتلال وتفاصيل حياة الأسرى وقوة إرادة الشعب الفلسطيني".
يشتكي المخرج أبو دان أيضًا من قلة الإمكانات والميزانيات التي حدت من جودة بعض المشاهد، ولكنها لم تؤثر على إيصال الفكرة، مؤكدًا أهمية وجود موازنات كبيرة للإنتاج ومعدات حديثة لزيادة جودة الأعمال.
تاريخ طويل
الممثل الكبير زهير البلبيسي يقول لـ "شبكة قدس": "إن الشعب الفلسطيني صاحب قضية بالتالي من الطبيعي أن يتم تسليط الضوء على معاناته وحياته وحقوقه ومقاومته، لذا يأتي هنا دور الدراما والفن، وأعتقد نجحنا بشكل كبير في أن نوظف الدراما في المقاومة والقضية الفلسطينية".
ويضيف البلبيسي الذي بدأ مسيرته الفنية عام 1996 وحتى اليوم، وشارك مؤخرًا في مسلسلات بوابة السماء وميلاد الفجر وعصفور الوطن، يضيف: "العمل الفني في فلسطين لم يتوقف، ولكنه انخفض، لقلة التمويل حيث تحتاج المسلسلات ميزانيات كبيرة، واليوم هناك انتعاش في إنتاج الدراما خاصة المسلسلات مع توفر الممول، مؤكدًا أن جودة المسلسلات الفلسطينية جيدة جدًا وتضاهي ما ينتج عربيًا.
ويرى البلبيسي أن بغزة الكثير من الطاقات والمواهب وليس من الصعب أن تجد وجوها فنية جديدة، ولكنها تبقى بحاجة لقليل من التدريب والصقل.
تحريض على المقاومة
محمد ثريا رئيس دائرة الإنتاج الفني بحركة حماس، الجهة التي مولت الكثير من أعمال دراما المقاومة آخرها مسلسل قبضة الأحرار، يقول لـ "شبكة قدس": "في حالتنا الفلسطينية الدراما والفن عمل مقاوم يرافق العمل العسكري وسياسي، فهي تزرع الوعي والثقافة، وتعمل على إثبات جدوى المقاومة خاصة في ظل حمى التطبيع والالتفاف على الحق الفلسطيني".
يضيف ثريا: "رغم معاناتنا بسبب تهالك الأجهزة والمعدات التي نعمل بها منذ 10 سنوات، لم نستسلم، فلدينا قضية ندافع عنها، ورسالة نحاول إيصالها في ظل السيل الكبير من المسلسلات والإنتاجات العربية والتي في أغلبها هدام للشعوب وقضاياهم".
ويؤكد أنه لا عائد مادي للإنتاج المقاوم، "فمثلًا قبضة الأحرار يبث على نحو 13 قناة عربية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بالمجان، فالهدف ليس الربح، وإنما نشر الوعي والثقافة والفكر الفلسطيني وتوعية الجمهور بالقضية الفلسطينية.
ويوضح أن الهدف من دراما المقاومة الوصول إلى العالم، ويقول: "الدراما الفلسطينية راشدة، ونظيفة وهادفة، ومتنوعة ما بين اجتماعي وسياسي وثقافي ومعرفي، وهي تخطو بخطوات واثقة وهي قادرة على المنافسة عالميًا".
ويضيف: "عندما نرى هجمة الاحتلال على الدراما الفلسطينية، نعرف أننا في الطريق الصحيح، وأن الهدف والرسالة وصلت وسنواصل، ونحن نقولها صراحة نحن نحرض أبناء شعبنا في كل مكان على الثورة على الاحتلال، وأن تكون هذه المسلسلات والإنتاجات وقودا لمقاومة الاحتلال".